تعد المملكة العربية السعودية من الدول التي تولي اهتمامًا بالغًا بتنظيم العلاقة بين صاحب العمل والعامل، حيث أسس نظام العمل السعودي ليكون المرجع القانوني الأول لكل من يعمل داخل المملكة، سواءً من المواطنين أو المقيمين. وقد شهد نظام العمل السعودي تحديثات مستمرة لضمان توازن الحقوق، وتشجيع بيئة العمل العادلة، وجذب الكفاءات الأجنبية، بما يتماشى مع رؤية المملكة 2030 نحو اقتصاد تنافسي ومستدام.
فهمك لنظام العمل السعودي لا يقتصر على الموظفين أو العمال فقط، بل هو حاجة ضرورية لأصحاب الأعمال، والمستشارين القانونيين، وروّاد الأعمال. لأن النظام يتناول كافة مراحل العلاقة التعاقدية: من توقيع العقد، مرورًا بساعات العمل، والإجازات، والرواتب، والعمل الإضافي، وحتى الفصل التعسفي ومكافأة نهاية الخدمة.
نظرة عامة عن نظام العمل في السعودية
نظام العمل السعودي هو النظام الصادر بموجب المرسوم الملكي رقم م/51 وتاريخ 23/8/1426هـ، وتم تعديله عدة مرات، آخرها في ضوء التحديثات الصادرة بقرارات مجلس الوزراء ووزارة الموارد البشرية.
يهدف النظام إلى تنظيم العلاقة بين العامل وصاحب العمل، وحماية حقوق الطرفين، وتنظيم شؤون التوظيف والتدريب والسلامة المهنية، وضمان الحد الأدنى من الحقوق الوظيفية. وينطبق هذا النظام على جميع العاملين في القطاع الخاص، وعلى بعض الجهات الحكومية التي تطبق نظام العمل في توظيف غير السعوديين.
عقد العمل
عقد العمل في نظام العمل السعودي هو الوثيقة الأساسية التي تُنظم العلاقة بين العامل وصاحب العمل، ويجب أن يكون مكتوبًا ومحدد المدة إذا كان العمل موسميًا أو مؤقتًا. ويمكن أن يكون غير محدد المدة في حالات أخرى، خاصة عند توظيف المواطن السعودي.
يجب أن يتضمن العقد:
- بيانات الطرفين.
- تاريخ التعاقد ومدة العقد.
- الراتب الأساسي وأي بدلات.
- عدد ساعات العمل اليومية والأسبوعية.
- الإجازات السنوية والرسمية.
- وصف المهام الوظيفية.
- فترة التجربة (إن وجدت).
- آلية إنهاء العقد. مثل الشهود أو كشوف الرواتب.
عدد ساعات وقت العمل في المملكة العربية السعودية
بحسب المادة 98 من نظام العمل في المملكة العربية السعودية:
- لا يجوز تشغيل العامل أكثر من 8 ساعات يوميًا أو 48 ساعة أسبوعيًا.
- في شهر رمضان المبارك، يجب ألا تتجاوز ساعات العمل للمسلمين 6 ساعات يوميًا أو 36 ساعة أسبوعيًا.
يمكن تقليص أو تمديد الساعات بموجب لوائح داخلية توافق عليها الوزارة، أو حسب طبيعة العمل، مثل المناوبات أو الأعمال الموسمية.
لوائح العمل الإضافي في السعودية
العمل الإضافي (Overtime) في قانون العمل هو أي عمل يؤديه العامل خارج ساعات العمل الرسمية. وطبقًا للنظام:
- ضرورة موافقة العامل، ما لم يكن العمل طارئًا أو ضروريًا.
- يتم احتساب أجر الساعة الإضافية على أساس الأجر الأساسي مضافًا إليه 50% كحد أدنى.
- يُمنع تشغيل العامل لأكثر من 11 ساعة في اليوم، بما في ذلك الساعات الإضافية.
- يجب أن يُعطى العامل يوم راحة أسبوعية مدفوعة، ولا يجوز تكليفه بالعمل فيها إلا بمقابل مالي مضاعف.
شروط نظام العمل للسعوديين وغير السعوديين
رغم أن النظام يطبق على الجميع، إلا أن هناك بعض الفروقات بين السعوديين وغيرهم:
نظام العمل للسعوديين
- الأفضلية في التوظيف والتدرج الوظيفي.
- لا يُشترط عقد محدد المدة.
- يحظر فصل السعودي إلا بأسباب مشروعة.
- الدولة تدعم التوطين وبرامج تدريب المواطنين.
نظام العمل لغير السعوديين
- يشترط وجود عقد عمل مكتوب ومحدد المدة.
- يجب أن يكون العامل مرخصًا له بالعمل من الجهات المختصة (الإقامة ورخصة العمل).
- انتهاء العقد أو رخصة العمل يُعدّ سببًا قانونيًا لإنهاء العلاقة.
- يشترط وجود كفيل (صاحب عمل) في بعض الحالات حسب نظام الإقامة.
الحد الأدنى للأجور في المملكة العربية السعودية ومكافأة نهاية الخدمة
في نظام العمل السعودي يكون هناك حد الأدنى للأجور لا يمكن أن يقل عنه:
- حددت وزارة الموارد البشرية الحد الأدنى لأجور السعوديين في القطاع الخاص بـ 4,000 ريال شهريًا لاحتسابهم في نسب التوطين.
- لا يوجد حد أدنى رسمي للأجور لغير السعوديين، لكن يجب ألا يقل عن الحد الذي يضمن كرامة العامل وحقوقه الأساسية.
مكافأة نهاية الخدمة
تُحتسب وفق المادة 84 من نظام العمل، كالتالي:
- نصف راتب عن كل سنة من السنوات الخمس الأولى.
- راتب كامل عن كل سنة بعد الخمس الأولى.
- يُحسب على أساس آخر أجر تقاضاه العامل.
- تُصرف المكافأة عند انتهاء العلاقة، بشرط عدم وجود فصل لأسباب تأديبية.
الفصل التعسفي
الفصل التعسفي هو إنهاء العلاقة العمالية دون سبب مشروع أو دون اتباع الإجراءات النظامية وهو غير مسموح في قانون العمل السعودي
- يعتبر الفصل تعسفيا إذا تم دون سبب واضح أو قبل انتهاء العقد المحدد.
- يحق للعامل المطالبة بـ:
- تعويض مادي (راتب شهرين أو أكثر).
- مكافأة نهاية الخدمة.
- بدل إشعار أو راتب المدة المتبقية في العقد.
- يمكن للعامل التظلم أمام مكتب العمل خلال 21 يومًا من وقوع الفصل.
أهم حقوق العامل في نظام العمل السعودي
في نظام وقانون العمل السعودي هناك حقوق للموظف لا يمكن لصاحب العمل تجاوزها وهي تتلخص في:
- الحصول على عقد عمل موثق.
- الراتب الشهري في موعده دون تأخير.
- إجازة سنوية لا تقل عن 21 يومًا مدفوعة الأجر.
- إجازات رسمية (الأعياد، اليوم الوطني).
- تأمين طبي.
- بيئة عمل آمنة.
- مكافأة نهاية الخدمة.
- الحماية من التمييز والتحرش.
- الحق في تقديم شكوى أو رفع دعوى.
احصل على استشارة قانونية من محامي متخصص في قضايا قانون العمل
وجود محامي متخصص في نظام العمل يعتبر من أهم الضمانات لحماية الحقوق العمالية، سواءً كنت موظفًا أو صاحب عمل.
خدمات المحامي المتخصص تشمل:
- مراجعة عقود العمل وصياغتها بما يتوافق مع النظام.
- تقديم النصح القانوني عند التعرض لفصل تعسفي.
- الترافع في النزاعات العمالية أمام الهيئات القضائية.
- تسوية الرواتب المتأخرة والمكافآت.
- دعم الشركات في إعداد لوائح تنظيمية متوافقة مع نظام العمل.
كيف تتعامل مع مشاكل العمل القانونية؟
إذا واجهت مشكلة تتعلق براتب، فصل، ضغط وظيفي أو غير ذلك:
- ابدأ بتقديم شكوى داخلية لإدارة الموارد البشرية.
- في حال عدم الحل، استخدم منصة “ودي” لتقديم شكوى إلكترونية.
- يمكنك التوجه لمكتب العمل وطلب جلسة تسوية.
- استعن بمحامي لضمان حقوقك وحماية موقفك القانوني.
تحديثات نظام العمل السعودي 2024–2025
شهد نظام العمل في السنوات الأخيرة عدة تحديثات أبرزها:
- إلغاء نظام الكفيل لبعض المهن.
- إتاحة التنقل الوظيفي لغير السعوديين بشروط.
- إطلاق منصة “قوى” لتيسير الخدمات العمالية إلكترونيًا.
- تعزيز العقوبات ضد التستر التجاري وسوء المعاملة في بيئة العمل.
ختاما
فهم نظام العمل في المملكة العربية السعودية هو مفتاح الأمان الوظيفي والاستقرار القانوني لكل من العامل وصاحب العمل. سواء كنت موظفًا تبحث عن حماية حقوقك، أو صاحب عمل تريد الالتزام بالأنظمة، فإن الوعي بهذه التفاصيل يوفر عليك الكثير من النزاعات والمشكلات مستقبلاً.
إذا كنت في بداية مشوارك الوظيفي أو تواجه مشكلة قانونية تتعلق ببيئة العمل، لا تتردد في طلب استشارة قانونية. فالمعرفة القانونية اليوم هي الدرع الأقوى في سوق العمل المتسارع.
