هل لديك أي أسئلة؟
0509997635

دعوى تعويض خطأ طبي

دعوى تعويض خطأ طبي في السعودية | الشروط والإجراءات القانونية والصيغة المعتمدة

في المملكة العربية السعودية، تُعتبر حماية حقوق المرضى أولوية قصوى ضمن منظومة الرعاية الصحية، وتسعى الجهات المختصة إلى رفع مستوى الخدمات الطبية وضمان سلامتها. ومع ذلك، قد تحدث أحيانًا أخطاء طبية تُلحق ضررًا بالمريض، مما يستدعي اتخاذ إجراءات قانونية لضمان حقه في التعويض. وهنا تبرز دعوى تعويض خطأ طبي كإحدى الوسائل القانونية الفعالة التي تمكّن المتضرر من المطالبة بجبر الضرر الناتج عن الإهمال أو الخطأ في التشخيص أو العلاج.

في هذا المقال، نُسلط الضوء على مفهوم الخطأ الطبي في النظام السعودي، ونتناول شروط رفع دعوى التعويض، والإجراءات النظامية المتبعة، وقيمة التعويضات المحتملة، إلى جانب الصيغة القانونية لرفع الدعوى، وكل ما تحتاج معرفته من جوانب قانونية لضمان حقك.

ما هو الخطأ الطبي في القانون السعودي؟

الخطأ الطبي في النظام السعودي يُعرف بأنه كل فعل أو امتناع يصدر من الممارس الصحي يؤدي إلى ضرر بالمريض، وكان نتيجة جهل بأصول المهنة، أو إهمال، أو عدم اتباع الأصول العلمية والفنية المعروفة والمقبولة في الوسط الطبي.

وقد نظّمت وزارة الصحة وهيئة التخصصات الصحية والهيئة الصحية الشرعية ضوابط التعامل مع هذه الأخطاء، ويُستند في المحاسبة على مبدأ التحقق من وجود (رابطة سببية) بين الفعل الضار والنتيجة.

ويُفرق القانون بين:

  • الخطأ الطبي غير المقصود: كأن يخطئ الطبيب في تقدير الجرعة أو في تشخيص الحالة.
  • الخطأ الطبي الناتج عن إهمال أو رعونة أو تقصير جسيم.

أبرز صور الأخطاء الطبية التي تستدعي رفع دعوى تعويض

لا تقتصر الأخطاء الطبية على العمليات الجراحية فقط، بل تمتد إلى مختلف مراحل التشخيص والعلاج، ومنها:

  • تشخيص خاطئ: تشخيص المرض بشكل غير دقيق مما يؤدي إلى علاج خاطئ وتفاقم الحالة.
  • إجراء جراحي خاطئ: مثل استئصال عضو سليم بدلاً من المصاب.
  • نقل دم ملوث أو غير متوافق.
  • نسيان أدوات طبية داخل جسد المريض أثناء العمليات.
  • أخطاء في التخدير: سواء في نوع المادة أو الجرعة.
  • تأخير في تقديم الرعاية اللازمة: كترك المريض ينتظر رغم حالته الطارئة.
  • كتابة وصفة دوائية غير مناسبة: تؤدي لمضاعفات خطيرة.
  • إجراء عملية دون موافقة: وتكون الموافقة خطية من المريض.
  • أخطاء في رعاية حديثي الولادة.
  • جهل الطبيب بمعلومات طبية أساسية أدت لضرر.

جميع هذه الحالات تستوجب التقدم بدعوى تعويض خطأ طبي لضمان حصولك على حقوقك القانونية ومساءلة الطبيب المتسبب عن الضرر.

كم مبلغ تعويض الخطأ الطبي؟

تختلف مبالغ التعويض حسب نوع الخطأ، حجم الضرر، وتأثيره على حياة المتضرر. ولا توجد قيمة موحدة، بل تُقدّر وفقًا للهيئة الصحية بناء على التقارير الطبية والوقائع، ولكن بشكل عام يكون تقدير التعويض وفق الأضرار كالآتي:

  1. تعويض الوفاة نتيجة الخطأ الطبي: قد تصل الى 300,000 ريال سعودي.
  2. تعويض فقدان عضو نتيجة الخطأ الطبي: تكون ما بين 200,000-300,000 ريال سعودي.
  3. تعويض التشوهات عن الإعاقة الدائمة نتيجة خطأ طبي: تكون مابين 60,000-100,000 ريال سعودي.
  4. معظم الحالات الأخرى تكون في حدود: 10,000-50,000 ريال سعودي.
  5. وتفرض غرامة مالية كحق عام تكون 20,000 ريال سعودي.

أبرز أنواع التعويضات التي يمكن المطالبة بها:

  • تعويض عن الأضرار الجسدية: مثل فقدان عضو أو وظيفة حيوية، الشلل أو الإعاقة الدائمة، التشوهات الجسدية الظاهرة، حالات البتر أو تلف الأعصاب.
  • تعويض عن الأضرار النفسية: وتتمثل في القلق، الاكتئاب أو الصدمة النفسية الناتجة عن الخطأ الطبي.
  • تعويض عن فقدان الدخل أو فرص العمل: إذا أثّر الخطأ على قدرة المريض على العمل وكسب الرزق.
  • الدية أو الأرش: في حال أدى الخطأ إلى وفاة المريض أو فقدانه عضواً معيناً، يُدفع دية أو أرش حسب ما تقرره الهيئة.
  • تعويض عن نفقات العلاج الإضافية: المبالغ التي تكبدها المريض لإصلاح الخطأ أو علاج تبعاته.
  • تعويض معنوي: عن الألم والمعاناة وفقدان جودة الحياة.

كل هذه التعويضات تُحسب بعد تحقيق قانوني وطبي دقيق، ولا يُمنح أي منها تلقائيًا.

كم مبلغ تعويض الخطأ الطبي للأسنان؟

تتفاوت مبالغ التعويض في قضايا طب الأسنان حسب طبيعة الضرر، وتشمل عادة:

  • فقدان الأسنان الدائمة: قد يصل التعويض إلى 20,000 – 50,000 ريال لكل سن، حسب السن والموقع.
  • تشوه الابتسامة أو انحراف الفك: يُمنح تعويض أعلى لضرره التجميلي والنفسي.
  • التهابات أو أمراض نتيجة علاج خاطئ: يُحسب التعويض بناءً على تكلفة العلاج البديل والأضرار الصحية.

شروط رفع دعوى تعويض خطأ طبي

لنجاح دعوى التعويض عن خطأ طبي، لا بد من توفر الشروط التالية:

  1. وجود خطأ طبي واضح: ويُثبت غالبًا بتقرير لجنة طبية متخصصة.
  2. تحقق الضرر: لا يكفي وقوع الخطأ، بل يجب أن يُثبت الضرر الذي نجم عنه.
  3. وجود علاقة سببية: بين الخطأ والضرر الحاصل.
  4. تقديم الشكوى خلال المدة القانونية: وفقًا لنظام التقادم.
  5. عدم وجود تنازل أو تسوية مسبقة: ألا يكون المريض قد تنازل عن حقه بالتعويض سابقا.

إجراءات رفع دعوى تعويض الخطأ الطبي

الجهة المختصة في السعودية بالنظر في دعاوى الأخطاء الطبية هي الهيئة الصحية الشرعية. وتتم الإجراءات وفق الآتي:

  1. تقديم شكوى: تُرفع الشكوى إلكترونيًا عبر منصة صحة أو يدويًا لدى الشؤون الصحية في المنطقة. ويُرفق بها اسم الطبيب والمنشأة، تفاصيل الحالة، التقارير الطبية، وأي أدلة.
  2. إحالة الشكوى للتحقيق: تشكل لجنة طبية تحقق في تفاصيل الواقعة.
  3. دعوة الأطراف لجلسة استماع: يحضر الطبيب، المريض أو وليه، والممثل القانوني للمنشأة.
  4. إصدار قرار الهيئة الصحية الشرعية: إما بتقرير وجود الخطأ والحكم بالتعويض، أو رفض الدعوى.
  5. إمكانية الاعتراض على القرار: خلال مدة معينة (30 يومًا).

صيغة دعوى تعويض خطأ طبي

فيما يلي نموذج لصيغة قانونية لدعوى تعويض خطأ طبي:

فضيلة رئيس الهيئة الصحية الشرعية – وفقه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

الموضوع: دعوى تعويض خطأ طبي

أنا المواطن/ …………..، سجل مدني رقم (…………..)، أتقدم إلى مقامكم الكريم بهذه الدعوى ضد الطبيب/ …………..، التابع لمنشأة/ …………..، وذلك لما سببه لي من ضرر جسيم نتيجة خطأ طبي وقع بتاريخ (…………..)، حيث قام بـ (شرح الخطأ بإيجاز)، مما نتج عنه (ذكر الضرر بدقة).

وأرفق لفضيلتكم ما يثبت ذلك من تقارير طبية، وصور أشعة، وإفادات.

عليه، أرجو من مقامكم التكرم بالنظر في الدعوى والحكم لي بالتعويض المناسب وفقًا لما تقضي به الأنظمة.

وتفضلوا بقبول فائق الاحترام والتقدير.

مقدم الدعوى/ ……………..

رقم الجوال/ ……………..

التاريخ/ ………………….

كيفية إثبات الخطأ الطبي

يثبت الخطأ الطبي بعدة وسائل، أهمها:

  • التقارير الطبية: التي تبين الفعل الخاطئ أو المخالف للأصول.
  • رأي اللجنة الطبية المختصة: وهي المرجع الفني الأول.
  • شهادات الشهود من الطاقم الطبي أو المرافقين.
  • الملف الطبي الكامل للمريض.
  • القرائن: مثل إجراء غير مبرر أو عدم توثيق موافقة المريض على العملية.

كم تستغرق مدة التعويض عن الخطأ الطبي؟

غالبًا ما تستغرق الإجراءات من 6 أشهر إلى سنتين، تبعًا لتعقيد الحالة وعدد الأطراف وكفاءة المتابعة. وتشمل المدة ما يلي:

  • وقت التحقيق الطبي.
  • تحديد جلسات الاستماع.
  • صدور القرار.
  • مدة الاعتراض في حال تقديمه.

تقادم دعوى التعويض عن الخطأ الطبي

التقادم يعني سقوط الحق في المطالبة بعد مرور فترة معينة من الزمن دون تحريك الدعوى. وفي السعودية، لم يُحدد نظام مستقل لتقادم دعاوى الخطأ الطبي، إلا أن الاجتهاد القضائي يعتبر أن المدة يجب ألا تزيد عن خمس سنوات من تاريخ الواقعة أو العلم بها، ما لم يوجد مانع شرعي حال دون المطالبة.

الفرق بين الخطأ الطبي والإهمال الطبي

  • الخطأ الطبي: قد يكون نتيجة اجتهاد خاطئ رغم اتخاذ الإجراءات المطلوبة.
  • الإهمال الطبي: هو التقصير أو الإهمال الصريح في أداء الواجبات، مثل نسيان أداة جراحية داخل الجسم أو عدم متابعة الحالة بشكل دوري.

والنظام السعودي يُشدد في مساءلة الإهمال أكثر من الخطأ الطبي غير المقصود.

كيف يمكن الاعتراض على قرار الهيئة الصحية الشرعية بشأن خطأ طبي؟

إذا صدر قرار من الهيئة الصحية الشرعية ولم يكن في صالح المريض، يمكنه الاعتراض وفق الخطوات التالية:

  1. تقديم اعتراض خطي مسبب خلال 30 يومًا من استلام القرار.
  2. رفع الاعتراض إلى ديوان المظالم (المحكمة الإدارية).
  3. إرفاق المستندات والوقائع التي تثبت بطلان الحكم أو قصوره.
  4. المطالبة بإعادة النظر أو نقض القرار كليًا أو جزئيًا.

أهمية استشارة محامي في رفع دعوى تعويض خطأ طبي

دعوى التعويض عن الخطأ الطبي من القضايا المتخصصة والتي تحتاج إلى خبرة قانونية وطبية، ومن هنا تظهر أهمية استشارة محامي متخصص ليقوم بالآتي:

  • صياغة دعوى التعويض بشكل قانوني صحيح.
  • جمع الأدلة وتقديمها بترتيب منطقي.
  • الترافع أمام الهيئة الصحية الشرعية.
  • تقدير مبلغ التعويض المناسب.
  • تقديم الاعتراض في حال عدم الرضا بالحكم.

كما أن المحامي الخبير بالقانون الصحي يساعدك في تجنب الأخطاء الإجرائية التي قد تؤدي إلى رفض الدعوى أو تأخيرها.

ختاما

تمثل دعوى التعويض عن الخطأ الطبي في السعودية وسيلة قانونية مهمة لحماية المريض وضمان عدم إفلات المخطئ من المسؤولية. وقد وضعت الدولة إطارًا دقيقًا لهذه الدعاوى، يراعي مصلحة المريض من جهة، وحق الطبيب في الدفاع عن نفسه من جهة أخرى.

إن تقديم دعوى ناجحة يتطلب فهمًا عميقًا بالإجراءات النظامية، وإثباتًا دقيقًا للخطأ والضرر. ولا شك أن اللجوء إلى محامٍ مختص في هذا المجال يعزز من فرصك في نيل تعويض عادل ومنصف.

أضف تعليق

مقالات اكثر

تُعد مسألة التعويض عن الضرر المادي من المواضيع القانونية المحورية في النظام السعودي، لما لها من أثر بالغ في تحقيق

في المملكة العربية السعودية، تُعتبر حماية حقوق المرضى أولوية قصوى ضمن منظومة الرعاية الصحية، وتسعى الجهات المختصة إلى رفع مستوى

تُعد عقوبة التستر التجاري من أكثر العقوبات الاقتصادية صرامة في المملكة العربية السعودية، نظرًا لما يُشكّله التستر من تهديد مباشر