إذا كنت موظفًا أو صاحب عمل في المملكة العربية السعودية، فإن فهمك لأحكام ساعات العمل الإضافية يُعد أمرًا ضروريًا لحماية الحقوق وتجنب الوقوع في مخالفات قد تؤثر على العلاقة التعاقدية بين الطرفين.
في هذا المقال، نستعرض بشكل واضح ومبسط المادة 107 من نظام العمل السعودي، والتي تنظّم آلية احتساب أجر العمل الإضافي وتوضح الشروط الواجب توافرها لاستحقاقه. كما نتناول الفئات التي لا تسري عليها أحكام العمل الإضافي سواء بشكل جزئي أو كلي، وفقًا لما حدده النظام، بما يضمن وضوح الرؤية لكل من أصحاب العمل والعاملين داخل المنشآت.
المقصود بساعات العمل الإضافي
يقصد بـ العمل الإضافي كل ساعة عمل يؤديها العامل بعد ساعات العمل الرسمية المقررة نظامًا. ويُعد العمل الإضافي استثناءً على الأصل الذي حدده النظام لعدد ساعات العمل اليومية والأسبوعية. وقد يكون هذا العمل بناءً على طلب صاحب العمل، أو بموافقة العامل، ويخضع ذلك لضوابط نظامية تضمن عدم استغلال العامل.
الأجر الإضافي في قانون العمل السعودي
الأجر الإضافي هو المبلغ المالي الذي يستحقه العامل نظير أدائه ساعات عمل تتجاوز الحد النظامي. وقد قرر النظام أن يكون هذا الأجر أعلى من الأجر الأساسي بنسبة معينة تشجيعًا للعامل وتعويضًا له عن الجهد الإضافي المبذول.
المادة 107 من نظام العمل
وفقًا للمادة (107) من نظام العمل، فإن أجر العمل الإضافي يُحتسب على النحو التالي:
“يُدفع للعامل عن ساعات العمل الإضافية أجرٌ يُعادل أجر الساعة مضافًا إليه 50% من الأجر الأساسي لتلك الساعة.”
بمعنى آخر، إذا كان أجر العامل في الساعة العادية هو 20 ريالًا، فإن أجره في الساعة الإضافية يكون 30 ريالًا.
ساعات العمل الإضافي في قانون العمل السعودي
حدد نظام العمل عدد ساعات العمل اليومية والأسبوعية، وما زاد عن ذلك يُعتبر عملًا إضافيًا.
وفقًا للمادة (98) من نظام العمل:
- ساعات العمل اليومية: لا يجوز أن تتجاوز 8 ساعات في اليوم الواحد.
- ساعات العمل الأسبوعية: لا يجوز أن تتجاوز 48 ساعة في الأسبوع.
لكن في شهر رمضان، تنخفض ساعات العمل للمسلمين إلى:
- 6 ساعات يوميًا، أو 36 ساعة أسبوعيًا.
وعليه، فإن أي ساعة عمل تزيد على هذه الحدود تُعتبر ساعات إضافية، وتُستحق عنها أجور إضافية.
كيفية حساب ساعات العمل الإضافي في السعودية
لحساب ساعات العمل الإضافي، يجب اتباع الخطوات التالية:
- تحديد عدد ساعات العمل الأساسية اليومية (عادةً 8 ساعات).
- حساب عدد الساعات الزائدة عن هذا الحد.
- احتساب أجر الساعة الواحدة بقسمة الأجر الشهري على عدد ساعات العمل الفعلية.
- إضافة 50% من الأجر الأساسي إلى كل ساعة إضافية.
مثال عملي:
- موظف يتقاضى 6000 ريال شهريًا.
- عدد أيام العمل: 26 يومًا شهريًا.
- عدد ساعات العمل اليومية: 8 ساعات.
أولًا نحسب أجر الساعة:
- عدد الساعات الشهرية = 26 × 8 = 208 ساعة.
- أجر الساعة = 6000 ÷ 208 = تقريبًا 28.8 ريال.
ثم نحسب أجر الساعة الإضافية:
أجر الساعة الإضافية = 28.8 + (28.8 × 0.5) = 43.2 ريال.
إذا عمل الموظف 10 ساعات إضافية خلال الشهر:
أجر الساعات الإضافية = 43.2 × 10 = 432 ريال.
شروط العمل الإضافي في السعودية
رغم أن الأصل في قانون العمل هو التزام العامل بساعات العمل المتفق عليها، إلا أن النظام السعودي أجاز العمل الإضافي بشروط واضحة، تشمل ما يلي:
- طلب من صاحب العمل: لا يجوز فرض العمل الإضافي دون تكليف أو طلب رسمي من جهة العمل.
- موافقة العامل (ضمنيًا أو صريحًا): يُفضل أن تكون هناك موافقة العامل، خصوصًا إذا كان العمل الإضافي خارج الظروف الاستثنائية.
- عدم تجاوز الحد الأقصى: لا يجوز أن تتجاوز ساعات العمل الإضافية 720 ساعة في السنة، إلا في حالات الضرورة وبشرط موافقة العامل.
- عدم المساس بيوم الراحة: لا يجوز تكليف العامل بالعمل الإضافي في يوم راحته الأسبوعية، إلا إذا وُجدت حاجة تشغيلية حقيقية تبرر ذلك.
- الالتزام بالأجر الإضافي: ينص النظام على استحقاق العامل لأجر إضافي لا يقل عن 50% من أجره الأساسي للساعة، ويُحتسب هذا الأجر على كل ساعة تتجاوز الساعات النظامية المعتمدة.
- تسجيل الساعات بوضوح: من الضروري توثيق ساعات العمل الإضافية في سجلات العمل، سواء إلكترونية أو ورقية، لضمان الشفافية وحفظ الحقوق للطرفين.
وفي بعض المنشآت، يُشترط أن يكون التكليف بالعمل الإضافي مكتوبًا وموقعًا من إدارة الموارد البشرية أو المسؤول المباشر، ويُفضل أن يحمل الختم الرسمي للمنشأة توثيقًا لتلك الساعات، خصوصًا في حال وجود نظام رقابي داخلي صارم أو مراجعة لاحقة من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية.
أما عن الادعاء الشائع بأن النظام يجيز لصاحب العمل تشغيل موظفيه لمدة تصل إلى 80 ساعة إضافية شهريًا دون مقابل، فهو غير دقيق. النظام ينص بوضوح على استحقاق العامل لأجر إضافي عن كل ساعة عمل تتجاوز الساعات النظامية، دون اشتراط حد أدنى لتطبيق هذا التعويض. الاستثناءات الوحيدة تتعلق بالوظائف القيادية أو الإشرافية، والتي قد تكون مستثناة جزئيًا من أحكام الأجر الإضافي إذا نصّ على ذلك عقد العمل.
هل يحق للموظف رفض العمل الإضافي؟
الأصل أن العامل غير ملزم بأداء العمل الإضافي إلا في الحالات التالية:
- الظروف الاستثنائية مثل الكوارث، أو الحوادث، أو الظروف الطارئة، والتي قد تستدعي استمرار العمل لضمان سلامة المنشأة أو الأشخاص.
- نصوص عقد العمل أو اللوائح الداخلية التي قد تتضمن التزام العامل بأداء ساعات إضافية محددة.
- موافقة العامل على العمل الإضافي بشكل صريح.
لكن خارج هذه الحالات، يحق للعامل رفض العمل الإضافي، ولا يجوز معاقبته على ذلك. كما أن إجباره عليه دون سبب مشروع يعد مخالفة يعاقب عليها النظام.
متى يُعتبر العمل الإضافي نظاميًا في السعودية؟
لا يُعد كل جهد يبذله الموظف خارج ساعات دوامه الرسمية عملًا إضافيًا يستحق التعويض، إلا في حالات محددة يشترطها نظام العمل السعودي، أبرزها:
- العمل خلال أيام الراحة الرسمية أو الإجازات.
- تجاوز عدد ساعات العمل اليومية أو الأسبوعية المحددة.
- وجود حاجة تشغيلية طارئة تستدعي بقاء الموظف بعد نهاية الدوام.
كما ينص النظام على ألا يعمل الموظف لأكثر من 5 ساعات متواصلة دون راحة لا تقل عن 30 دقيقة، والتي لا تُحسب من ساعات العمل. ويهدف ذلك إلى حماية صحة العامل وضمان التوازن بين الجهد والإنتاج.
عدد ساعات العمل في اليوم الواحد في السعودية
حدد نظام العمل السعودي عدد ساعات العمل اليومي بما يلي:
- 8 ساعات يوميًا في الظروف العادية.
- 6 ساعات يوميًا خلال شهر رمضان للمسلمين.
- يمكن تقليص عدد الساعات حسب طبيعة العمل أو اتفاق الطرفين.
وفي حال توزيع ساعات العمل على نوبات (دوام صباحي ومسائي)، فيجب ألا تتجاوز 11 ساعة من التواجد في المنشأة، بما في ذلك فترات الراحة.
عقوبة عدم دفع ساعات العمل الإضافي في السعودية
تُعد الامتناع عن دفع أجر ساعات العمل الإضافي مخالفة صريحة لأحكام المادة (107) من نظام العمل. ويترتب عليها عدد من العقوبات، منها:
- غرامات مالية: قد تفرض وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية غرامة تصل إلى 5000 ريال عن كل عامل تم حرمانه من أجره الإضافي، وفقًا لجدول العقوبات المعتمد.
- إلزام المنشأة بسداد المستحقات المتأخرة: إضافةً إلى تعويض العامل عن الضرر.
- إيقاف خدمات المنشأة في حال تكرار المخالفة: يتم ايقاف المنشأة تماما في حال تكرار هذه المخالفة أو عدم التجاوب مع الجهات الرقابية.
- إحالة النزاع إلى المحكمة العمالية: في حال وجود شكوى رسمية تحال الدعوى الى المحكمة العمالية، مما قد يؤدي إلى صدور حكم قضائي يُلزم صاحب العمل بالسداد مع الفوائد القضائية والتعويض.
أما في حالة تعرضك لحرمان من أجرك الاضافي اطلع على دليلنا الكامل حول طريقة تقديم شكوى ضد شركة في مكتب العمل وتعرّف على الإجراءات والشروط والنصائح القانونية التي تساعدك في استرجاع حقوقك.
احصل علي استشارة من خبراء

الفئات المستثناة من أحكام ساعات العمل الإضافي في القانون السعودي
رغم أن نظام العمل السعودي يضمن حق العامل في الحصول على أجر مقابل ساعات العمل الإضافي، إلا أن هناك فئات معينة لا تسري عليها هذه الأحكام، إما بشكل كلي أو جزئي، وذلك بحسب طبيعة عملهم أو وضعهم القانوني داخل المنشأة. وتُعد معرفة هذه الفئات أمرًا أساسيًا لكل من صاحب العمل والعامل لضمان الالتزام بالأنظمة وتفادي النزاعات العمالية.
وفيما يلي أبرز الفئات المستثناة من أحكام العمل الإضافي في القانون السعودي:
- شاغلو المناصب الإدارية العليا: يشمل ذلك المدراء التنفيذيين، ومدراء الفروع، والمناصب التي تُخول شاغليها سلطة اتخاذ القرار أو تمثيل المنشأة. يُعتبر هؤلاء بمثابة “ممثلين لصاحب العمل”، وبالتالي لا تنطبق عليهم أحكام الأجر الإضافي إلا إذا تم الاتفاق عليه صراحة في عقد العمل.
- أفراد أسرة صاحب العمل: في حال كان العامل من أقارب صاحب العمل ويعمل في منشأة لا يعمل فيها أشخاص من خارج العائلة، فإن العلاقة تُعد غير تعاقدية بالمعنى النظامي، ولا تُطبق عليهم ضوابط ساعات العمل الإضافي ولا الأجر المرتبط بها.
- العاملون بالأعمال التحضيرية أو التكميلية: مثل تجهيز الآلات، تنظيف الموقع، أو التأكد من تأمين المعدات. هذه المهام تُعد جزءًا من طبيعة الوظيفة الأساسية، وغالبًا ما تُؤدى قبل أو بعد ساعات الدوام الرسمية. لا تُحتسب هذه الساعات كـ “عمل إضافي” إلا إذا تجاوزت وقتًا معقولًا أو كانت خارج نطاق المتفق عليه في العقد.
- عمال الحراسة والنظافة: بسبب طبيعة عملهم المتطلبة لتواجدهم في أوقات غير تقليدية، قد لا يخضعون لنظام الساعات التقليدية. لكن يُشترط أن يتم تعويضهم بشكل عادل، سواء عبر بدلات مالية أو تنظيم جدول عمل خاص، يتم الاتفاق عليه مسبقًا.
- العمال المستقدمون لمهام مؤقتة (أقل من شهرين): يُعفى العاملون غير السعوديين الذين يتم استقدامهم لإنجاز مهمة قصيرة لا تتجاوز شهرين من بعض أحكام نظام العمل، ومنها ضوابط ساعات العمل الإضافي، بشرط وضوح هذا الاتفاق في عقد العمل.
- العاملون بنظام العمل المرن: في العقود المبنية على نظام العمل المرن، يُحتسب الأجر بناءً على الساعات أو المهام المنجزة، وليس على عدد ساعات دوام ثابتة. لذلك، لا يُطبق مفهوم “العمل الإضافي” بنفس الطريقة، إلا إذا تجاوز العامل الساعات أو المهام المحددة مسبقًا.
ملحوظة هامة: حتى في حالة وجود استثناءات، يجب أن يكون ذلك موثقًا بوضوح في عقد العمل أو اللائحة الداخلية المعتمدة للمنشأة، وفي بعض الحالات، قد يلزم اعتمادها من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية لضمان صحتها النظامية.
ختاما
إن تنظيم ساعات العمل الإضافي في نظام العمل السعودي يعكس التوازن الذي تسعى إليه الدولة بين متطلبات الإنتاج وحقوق العامل. فالنظام لم يأتِ ليمنع العمل الإضافي، وإنما ليضبطه ويضع له حدودًا عادلة تكفل حماية الكرامة الإنسانية للعامل، وتمنع الاستغلال المفرط، وتضمن التعويض المناسب عن كل ساعة يقضيها الموظف خارج نطاق عمله المعتاد.
لذا، من الضروري على كل من العامل وصاحب العمل فهم الحقوق والواجبات المتعلقة بالعمل الإضافي، والرجوع إلى العقد المبرم بين الطرفين، ولوائح وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، لضمان الامتثال الكامل للنظام، وتفادي الوقوع في مخالفات قد تؤثر على بيئة العمل وسير العدالة.